مرحباً،
من المؤكد أنك تعرفني جيداً فأنا مواطنٌ مثلك تماماً. لذلك أنصحك أن تسترخي على أريكتك و أنت تقرأ أسطري هذه.
بدايةً أريد أن أسألك سؤالاً، هل تسكن بالإيجار أم أنك تتملك منزلك ؟!
إذا كنت من أصحاب الخيار الثاني فاعلم يا عزيزي أنك في نعمه حسب كلام أبناء جيل الطفره. فقد أسرّ إليّ والدي سراً و قال لي ذات يوم: "اسمع يا ولدي ما دام عندك بيت ملكك انت ملكت الدنيا".
أما إذا كنت من أصحاب الخيار الثاني فأنت تقع ضمن ٨٠٪ ممن لا يملكون منازلهم في هذا البلد الواسع.
كنت في نقاشٍ قبل فتره مع صديقٍ جزائري حدثني عن واقع مشاريع الإسكان لديهم.
ففي بلدٍ ينتج خُمس ما ننتجه من النفط مع عدد سكانٍ يفوق عددنا بـ ٣٥٪ تقريباً، يشترك المواطن في برامج عدةٍ للإسكان. منها برنامجٌ يمتلك بموجبه المواطن أرضاً مساحتها تعتمد على عدد أفراد أسرته، قد تكون صغيرةً أحياناً و لكن مقابل هذه المساحه يستحق قرضاً لبنائها يتم تقديره حسب تكاليف بناء هذه الأرض.
يا صديقي المواطن نحن في بلدٍ تدور أحلامنا فيه حول لقمة "العيش" فما يهمنا أن نجد وظيفةً تمكننا من إيجاد لقمة "العيش"، و نحاول أن نجد شريكةً تحبنا وتهتم بنا وتطعمنا لقمة "العيش" ، ونشقى طوال أعمارنا لإيجاد سقفٍ يأوينا نستطيع أن نأكل لقمة "العيش" تحته مع أبنائنا بأمان.
معظمنا يا صديقي يصيبه الإرهاق بعد تحقيق حلمه الأول و الثاني، و يبقى حلمه الثالث محبوساً في أدراج أمنياته، التي قد يموت قبل تحقيقها. نحن يا صديقي نعيش في بلدٍ قد نموت قبل أن نحصل على أبجديةٍ طبيعيه من أبجديات الحياه.
حسناً فلنلق نظرةً على هذه الأرقام سوياً:
متوسط تكاليف بناء المنزل تساوي متوسط مدخول الفرد الإمريكي لمدةِ ثلاث سنوات، و تساوي متوسط ما يجنيه الفرد الصيني خلال أربع سنوات و هو ما يساوي تقريباً متوسط ما يجنيه الفرد السعودي لمدة ١٠ سنواتٍ تقريباً.
عزى كثير من الخبراء هذه المشكله إلى الأسباب التاليه:
١- ٦٠ ٪ من أفراد الشعب هم من فئة الشباب مثلك يحلمون ببناء بيتٍ يملكونه، و هذا أدى إلى إيجاد وهمٍ يسمى "زيادة الإقبال على العقار"، الأمر الذي ساعد تجار العقار و تجار مواد البناء في تبرير ارتفاع الأسعار.
٢- المضاربات العقاريه: لدينا يا صديقي مساحاتٌ شاسعه من الأراضي هي ملكٌ لكبار المستثمرين الذين يضعونها رهناً لمغامراتهم في المضاربة بها. "فالأسعار عاليه كما قلنا"
٣- الإحتكار: لدينا نسبةٌ كبيرةٌ من الأراضي البيضاء يمتلكها بعض الشخصيات النافذه "تشبيكاً"، و هم لا يرغبون بالبيع أو التصرف فيها، ولا يرغبون أيضاً بدفع ضرائب عليها.
بالتأكيد أنك ستصرخ الآن قائلاً :
"يا محمد كل عيش"
٤- التلاعب بالأسعار: كيف يتم ذلك؟! حسناً سأجيبك ......... يقوم بعض التجار بشراء مساحاتٍ شاسعه بثمنٍ بسيطٍ جداً، لا يتجاوز أحياناً ٢٠ ريالاً للمتر المربع الواحد، بينما يبيعها على الناس بأثمانٍ مرتفعه قد تصل إلى ٣٠٠ ريالاً للمتر المربع الواحد.
تبرير التجار الوحيد لهذا التلاعب: "ياخوي جبنالكم ماي و كهرب وش تبون بعد"
الأمر الذي قد لا نجده في الواقع، و إذا وجد يكون ضمن فئة "أبو كلب" أو فئة
"شغل مشي حالك"
لفت نظري قبل فتره إعلانٌ يقول: "تملك الآن شقتك في مانشستر بأسعارٍ تبدأ من ١٢٨٠٠٠ پاوند" وهو ما يساوي : ٨٠٠٠٠٠ ريالٍ سعودي تقريباً . لم أعرف أبداً أن حياً راقياً لدينا توجد فيه شقةٌ بنفس السعر يملك مقومات المعيشه في مانشستر كمتحفٍ للعلوم أو داراً للأوپرا على سبيل المثال.
أنصحك الآن أن تسترخي على أريكتك و تستمع إلى رائعة أبو نوره : يا غالي الأثمان، أعتقد أنها تحاكي حالتك الآن.
و في حالة رغبتك في التأكد من عرض شقق مانشستر الذي أسلفته قبل قليل أنظر إلى هذا الرابط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق